الاثنين، 22 أكتوبر 2012

الفرض التّأليفيّ 2: (التّحليل الأدبيّ)، محور 3: (رسالة الغفران)، 2007-2008




t أستاذة العربـيّة: فوزيّة الشّـطّي t الفرض التّأليفيّ 2: التّحليل الأدبـيّ t نهج صيّادة t

td الورديّة t 4 آداب 1 t 2007-2008 ct

الـنّـصّ:

فَإِذَا رَأَى قِلَّةَ الفَوَائِدِ لَدَيْهِمْ (1)، تَرَكَهُمْ فِي الشَّقَاءِ السَّرْمَدِ، وَعَمَدَ لِمَحَلِّهِ فِي الـجِنَانِ. فَيَلْقَى آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فِي الطَّرِيقِ. فَيَقُولُ: «يَا أَبَانَا، صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ، قَدْ رُوِيَ لَنَا عَنْكَ شِعْرٌ مِنْهُ قَوْلُكَ:

   نَـــحْنُ بَنُــــو الأَرْضِ وَسُكَّانُــــــهَا ttt مِنْــهَا خُـلِقْنَا وَإلَـيْـــــــــــــــهَا نَعُــــــــــودْ

   وَالسَّعْدُ لاَ يَبْقَى لِأَصْحَــــــــــــــابِهِ ttt وَالنَّحْسُ تَـمْحُوهُ لَيَالِي السُّعُودْ».

فَيَقُولُ: «إنَّ هَذَا القَوْلَ حَقٌّ. وَمَا نَطَقَهُ إِلاَّ بَعْضُ الـحُكَمَاءِ. وَلَكِنِّي لَمْ أَسْـمَعْ بِهِ حَتَّى السَّاعَةِ».

فَيَقُولُ، وَفَّرَ اللهُ قِسْمَهُ فِي الثَّوَابِ: «فَلَعَلَّكَ، يَا أَبَانَا، قُلْتَهُ ثُمَّ نَسِيتَ. فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ النِّسْيَانَ مُتَسَرِّعٌ إِلَيْكَ. وَحَسْبُكَ شَهِيدًا عَلَى ذَلِكَ الآيَةُ الْمَتْلُوَّةُ فِي فُرْقَانِ (2) مُحمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ: "وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا"*. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ العُلَمَاءِ أَنَّكَ إِنَّـمَا سُـمِّيتَ إِنْسَانًا لِنِسْيَانِكَ [...]. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الإِنْسَانَ مِنَ النِّسْيَانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ** [...]».

فَيَقُولُ آدَمُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبَيْتُمْ إِلاَّ عُقُوقًا وَأَذِيَّةً! إِنَّـمَا كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِالعَرَبِيَّةِ وَأَنَا فِي الـجَنَّةِ. فَلَمَّا هَبَطْتُ إِلَى الأَرْضِ نُقِلَ لِسَانِي إِلَى السُّرْيَانِيَّةِ***. فَلَمْ أَنْطِقْ بِغَيْرِهَا إِلَى أَنْ هَلَكْتُ. فَلَمَّا رَدَّنِي اللهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إِلَى الـجَنَّةِ عَادَتْ عَلَيَّ العَرَبِيَّةُ. فَأَيَّ حِينٍ نَظَمْتُ هَذَا الشِّعْرَ: فِي العَاجِلَةِ أَمِ الآجِلَةِ؟ وَالَّذِي قَالَ ذَلِك يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ فِي الدَّارِ الـمَاكِرَةِ. أَلاَ تَرَى قَوْلَهُ: "مِنْهَا خُلِقْنَا وَإِلَيْهَا نَعُودْ؟ [...].

فَيَقُولُ، قُضِيَ لَهُ بِالسَّعْدِ الـمُؤَرَّبِ (3): «إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ السِّيَرِ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ وَجَدَهُ يَعْرُبُ**** فِي مُتَقَدَّمِ الصُّحُفِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. فَنَقَلَهُ إِلَى لِسَانِهِ. وَهَذَا لاَ يَـمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ».

فَيَقُولُ آدَمُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: «أَعْزِزْ (4) عَلَيَّ بِكُمْ، مَعْشَرَ أُبَيْنِيَّ (5)! إِنَّكُمْ فِي الضَّلاَلَةِ مُتَهَوِّكُونَ (6)! آلَيْتُ (7) مَا نَطَقْتُ هَذَا النَّظِيمَ وَلاَ نُطِقَ فِي عَصْرِي. وَإِنَّـمَا نَظَمَهُ بَعْضُ الفَارِغِينَ. فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ! كَذَبْتُمْ عَلَى خَالِقِكُمْ وَرَبِّكُمْ ثُمَّ عَلَى آدَمَ أَبِيكُمْ ثُمَّ عَلَى حَوَّاءَ أُمِّكُمْ. وَكَذِبَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَمَآلُكُمْ فِي ذَلِك إِلَى الأَرْضِ».

رِسَالَةُ الغُفْرَانِ، أبُو العلاء المعرّي، تحقيق الدّكتورة: عائشة عبد الرّحمان

الطّبعة 10، دار المعارف، القاهرة، 1997، صص: 360-364

الشّرح المعجميّ:

(1) هُمْ: يَعُودُ ضَمِيرُ الغَيْبَةِ الـجَمْعِ الـمُذَكَّرِ عَلَى أَهْلِ الـجَحِيمِ الـمَذْكُورِينَ فِيمَا سَبَقَ.

(2) الفُرقانُ: هُوَ القُرْآنُ، أَيْ ما فُرِقَ بِهِ بَيْنَ الـحَقِّ وَالبَاطِلِ.

(3) الـمُؤَرَّبُ: اِسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ "أَرَّبَ": أَيِ الـمُحْكَمُ الـمُوَثَّقُ.

(4) أَعْزِزْ: صِيغَةُ تَعَجُّبٍ: عَزَّ عَلَيْهِ الأَمْرُ: أَيِ اشْتَدَّ وَصَعُبَ.

(5) أُبَيْنِيَّ: صِيغَةُ تَصْغِيرٍ لِـجَمْعِ التَّكْسِيرِ الـمُضَافِ إِلَى ضَمِيرِ الـمُتَكَلِّمِ الـمُفْرَدِ "أَبْنَائِي".

(6) مُتَهَوِّكُونَ: اِسْمُ فَاعِلٍ: تَهَوَّكَ في الأَمْرِ: تَـحَيَّرَ وَارْتَبَكَ.

(7) آلَيْتُ: فِعْلٌ ثُلاَثِيٌّ مَزِيدٌ: حَلَفْتُ وَأَقْسَمْتُ.

الأعـــلام:

*الآيَةُ القُرْآنِيَّةُ 115 مِنْ سُورَةِ طَه.

**اِبْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ العَبَّاسِ بْنُ عَبْدِ الـمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، ابْنُ عَمِّ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. وُلِدَ قَبْلَ الـهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سَنَوَاتٍ عَلَى الأَرْجَحِ، وَمَاتَ بِالطَّائِفِ سَنَةَ 68ﻫ. وَمِنْ نَسْلِهِ أُسْرَةُ بَنِي العَبَّاسِ الَّتِي أَقَامَتِ الدَّوْلَةَ العَبَّاسِيَّةَ [132ه/750م-656ه/1258م].

***السُّرْيَانِيَّةِ: لُغَةٌ سَامِيَّةٌ شَرْقِيَّةٌ قَدِيـمَةٌ تَكَلَّمَهَا الـمَسِيحِيُّونَ أَسَاسًا، وَتَسَمَّوْا "السُّرْيَانَ" نِسْبَةً إِلَيْهَا.

****يَعْرُبُ: الـمُرَجَّحُ أَنَّهُ "يَعْرُبُ بْنُ قَحَطَانَ"، وَهْوَ مِنْ سَلاَطِينِ اليَمَنِ بِالـجَاهِلِيَّةِ وَجَدُّ مُلُوكِ حِـمْيَرَ.

الأسئلة الموجِّهة:

حَلِّلْ هَذَا النَّصَّ تَـحْلِيلاً أَدَبِيًّا مُسْتَرْسِلاً مُسْتَعِينًا بِالأَسْئِلَةِ التَّالِيَةِ:

- فِي أَيِّ صُورَةٍ بَدَتْ كُلٌّ مِنِ الشَّخْصِيَّتَيْنِ القَصَصِيَّتَيْنِ: ابْنِ القَارِحِ وَآدَمَ؟ لِـمَاذَا صَوَّرَهُـمَا الكَاتِبُ كَذَلِكَ؟

- مَا هِيَ خَصَائِصُ الـحِوَارِ؟ وَمَا الوَظَائِفُ الَّتِي أَدَّاهَا؟

- لِـمَ تَنوَّعَتِ الشَّوَاهِدُ (حُجَجُ الشَّاهِدِ القَوْلِيِّ) فِي النَّصِّ؟

- مَا القَضَايَا الَّتِي يُلْمِحُ إِلَيْهَا الـمَعَرِّي؟ وَكَيْفَ طَرَحَهَا فِي هَذَا النَّصِّ الرِّوَائِيِّ الفَلْسَفِيِّ؟

d عَـمـــلا مُوفَّــــــقا c

................................................


ليست هناك تعليقات: