الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

تعريف فرقة المعتزلة (المحور: 2) 2007-2008


أستاذة العربـيّة
تعريفُ المعتزلةِ (الجاحظُ معتزليّ)
معهد نهج صيّادة
فوزيّة الشّـطّي
4 آداب: 2007-2008
الورديّـة

- المعتزلة: هي فرقة دينيّة نشأت في النّصف الأوّل من القرن الثّاني للهجرة (ق 2 ﻫ) بالبصرة في العراقِ على يد واصلٍ بن عطاء (ت 131ﻫ / 748م).
     مبادئُ المعتزلة الخمسةُ:
1التّوحيد: هو مبدأ يرفض أن تكون صفاتُ اللّه أزليّةً حتّى لا يُشارك اللّهَ شيءٌ في صفة القِدم. أدّى هذا المبدأُ إلى القول بأنّ القرآنَ مخلوقٌ، أي مكوَّن مِن «حروفٍ منظَّمة وأصواتٍ مقطَّعة». وأدّى أيضا إلى القولِ بالسّمُوّ المطلَق للذّات الإلهيّة أي القولِ بأنّ اللّهَ ليس بجسمٍ.
2العدلُ الإلهيّ:
يتنافَى هذا المبدأُ مع القول بالجبْريّة (أي أن يكون الإنسانُ مُـجبَرا على فعلِ الشّيء أو تركِه). فليس من العدلِ أن يُقدّرَ اللّهُ شيئا على الإنسان ثمّ يُحاسبَه. إنّ الأمرَ متروكٌ للإنسان ليقرّرَ أفعالَه. أدّى هذا المبدأ إلى القولِ بالقَدَريّة (أي أن يكون الإنسانُ خالقا لأفعاله خيرِها وشرِّها، يفعلُ الشّيءَ أو يتركه بإرادتِه).
3الوعدُ والوعيدُ:
بمقتضَى هذا المبدإ يعتقد المعتزلةُ في خُلود المسلِم في النّار إذا لم يتبْ عن ذنوبِه قبل موتِه. فالعدلُ يقتضِي الثّوابَ لمن يستحقُّ والعقابَ لِمَن يستحقّ في الآخرة. والمغفرةُ عندهم يكونُ «بشرط التّوبة». بل إنّ «قبُولَ التّوبة واجبٌ» لِـمن كان مخلِصا في توبته. واللّهُ، حسْبهم، لا يُوقِع العذابَ إلاّ بمن كان مُكلَّفا. فلا يُتصوَّر منه تعذيبُ الأطفال بذنب آبائهم.
4المنزلةُ بين المنزلتيْن:
يقول واصلٌ بن عطاء: «إنّ الإيمانَ عبارة عن خصالِ خيرٍ إذا اجتمعتْ سُمّي المرءُ مؤمنا، وهو اسمُ مدحٍ. والفاسقُ (أي الآثمُ مرتكبُ الكبيرة) لم يستجمِعْ خصالَ الخير ولا استحقّ المدحَ. فلا يُسمَّى مؤمنا، وليس هو بكافرٍ مطلقا لأنّ الشّهادةَ وسائرَ أعمالِ الخير موجودةٌ فيه لا وجهَ لإنكارها. لكنّه إذا خرج من الدّنيا على كبيرةٍ من غير توبة فهو من أهل النّار خالدٌ فيها. لكنّه يُخفَّف عنه العذابُ، وتكون منزلتُه فوق منزلة الكفّار».
5الأمرُ بالمعروف والنّهيُ عن المنكَر:
يعني هذا المبدأُ أن يشاركَ المسلمُ في الشّؤون العامّة لتكريس سلطان الشّريعة ومقاومة الانحراف.
        العقلانيّةُ لدى المعتزلة:
- المعتزلةُ هم من علماءِ الكلام، وليسُوا فلاسفةً رغم أنّ جدلَهم يحملُ طابعا فلسفيّا. إذْ درسُوا فلاسفةَ اليونان وخاصّة الطّبيعيّين منهم كأرسطو طاليس. وهم ينزِعون إلى التّفسير الصّحيح للقرآن وبيان العقيدةِ الحقّةِ باعتماد العقل والتّنزيل معا.
- يرى المعتزلةُ أنّ بعضَ الإدراكات تُدرَك بالعقل دون اللّجوء إلى التّنزيل. فوجودُ اللّه يُدرَك بالعقل، وبالعقل أيضا يُدرَك صدقُ الرّسالة المحمّديّة. وأيُ تعارضٍ ظاهريّ بين النّصِّ الدّينيّ والعقلِ يجب تأويلُه حتّى يُوجَدَ التّفسيرُ العقليّ للقرآن. وكثيرا ما يخرج المعتزلةُ على حرفيّة القرآن.
- وَضَع المعتزلةُ تصوّراتٍ عن العالم والبشريّة ليستْ مستقاةً من القرآن بل من فلسفة الإغريق ومن افتراضاتهم. من ذلك: تصوّرُ الأجسام كتجْميعات من ذرّاتٍ والتّمييزُ بين المادّةِ والعَرَض وتفسيرُ الظّواهر الطّبيعيّة وتعريفُ الإنسان والحركة وكيفيّةُ السّمع والإبصار وماهيّةُ النّفس والرّوح والإرادة...
- الجانبُ الخاصّ بعقلانيّة المعتزلة هو قولُهم بأنّ عقلَ الإنسان قادرٌ على التّمييز بين الخير والشّرّ. ولا يكفي العقلُ طبعا لبيانِ كلِّ ما هو حرامٌ وحلال... فمن القرآن علِمنا فرضَ الصّلاة وشكلَها وحِرْمةَ الأكل في رمضان. قد يتعارضُ أحدُ الأحكام الدّينيّة مع العقلِ. عندها يستطيعُ العقلُ أنْ يُدركَ ضرورةَ تحمّلِ ضررٍ بسيط اتّقاءً لضررٍ أكبر: المثالُ على ذلك أنّ تركَ الطّعام في رمضان هو ضررٌ بسيط، لكنّه يقِي المسلمَ من ضرر أكبر هو عقابُ اللّه الّذي توعّدَ به من يَعصِيه. وهذا حلٌّ عقلانيّ للتّعارضِ الحاصل بين العقلِ والنّقل.

من «دائرة المعارف الإسلاميّة»
مركز الشّارقة للإبداع الفكريّ، الطّبعة 1، مُوجزة، بتصرّف.

صورة ضوئيّة قابلة للتّحميل



هناك تعليق واحد:

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

تمثّل فرقة المعتزلة تجربة فريدة ومميَّزة من تجارب العقلانيّة في الفكر العربيّ الإسلاميّ القديم. لكنّ عسرَ خطابها على العامّة والخاصّة وانخراطَ بعض دعاتها في خدمة السّلطة السّياسيّة أجهضَ إلى حدّ كبير هذي التّجربة.