الاثنين، 3 فبراير 2020

إنتاج كتابيّ: (خصائصُ الحماسة عند أبي تمّام)، محور 1: (شعر الحماسة)، 2007-2008



أســــتاذة العربـيّة فوزيّة الشّـــطّي إنتاج كتابيّ خصائصُ الحماسة عند أبي تمّام  

  4 آداب 1 معهد 'نهج صيّادة' الورديّة 2007-2008

² أبو تمّام: حَبيبٌ بنُ أوْسٍ الطّائيُّ [188هـ-231هـ].

² النّصوصُ:

1- 'فَتْحُ الفُتُوحِ': في مدحِ الخليفةِ المعتصِم بالله الّذي فتحَ عمُّوريّةَ (مدينةٌ بيزنطيّة).

2- 'خَشَعُوا لِصَوْلَتِكَ': في مدحِ القائدِ 'أبي سعيدٍ الثَّغريّ' الّذي اقتحمَ الأناضول وحاربَ الرّومَ وحاصر القُسطنطينيّةَ (= بِيزنطة = إسطنبول).

3- 'يَوْمُ أَرْشَقَ': في مدحِ المعتصِم بالله الّذي انتصرَ جيشُه، بقيادةِ الأَفْشِين 'حيدر بنِ كاوس' [ت226ه]، على الثّائرِ الأخطرِ 'بَابَك الـخُرَّميّ' وأسرَه في أذربيجان. [بَابَك: ت224ه، دامتْ فتنتُه 'البِدعةُ الخرّميّةُ' 20 عاما أو يزيدُ].

4- 'الكَرِيمُ الـحُرُّ لَيْسَ لَهُ عُمْرُ': في رثاءِ القائد العسكريّ 'محمّدٍ بن حُميْد الطُّوسي' [ت214ه] الّذي قُتِل في وقعةٍ مع 'بَابك الخرّميّ'.

5- 'فَتًى عِنْدَهُ خَيْرُ الثَّوَابِ وَشَرُّهُ': في مدحِ القائدِ العسكريّ 'خالدٍ بنِ يزيد بن مَزْيَد الشّيبانيّ' [ت230ه]، الّذي حارب الثّائرَ'محمّدا بنَ عتّاب' بأرمينيّةَ. وكان خالدٌ شارك في محاربةِ ملكِ الرّوم 'تيُوفيل بنِ ميخائيل' وهزمَه.

[سلسلةُ الخلفاءِ: هارون الرّشيد  ïالأمين ï المأمون ï المعتصِم ï الواثق...].

² الخصائصُ:

-     ليستِ الحماسةُ غرضا شعريّا مستقِلاًّ بذاته. إنّما هي معانٍ متنوّعةٌ تخترق الأغراضَ وتُخالِطها. وتتّصلُ أساسا بالوقائع الحربيّة: تصوّر المعاركَ وتحتفِي بالمقاتلين الأبطالَ وتتوعّد الأعداءَ بالويْل والثّبور...

-     غلبَ المدحُ في هذه النّصوصِ الحماسيّة على باقي الأغراض. وكذلك شأنُ الدّيوانِ كلِّه.

-  اِخترقتِ المعاني الحماسيّةُ غرضيْ المدحِ والرّثاء. وكان الاحتفاءُ بالقادة العسكريّين أقوَى حضورا.

-     كثيرا ما وُظِّفتِ المعاني الهجائيّةُ المتّصلةُ بأعداءِ الممدُوح أو الـمرثِيّ لخدمة الغرضيْن: المدحِيّ والرّثائيّ.

-   قال أبو تمّام هذه القصائدَ بمناسبةِ معارك حربيّة ضدّ العدوِّ الخارجيّ (الرّوم = الإمبراطوريّة البيزنطيّة) أو العدوِّ الدّاخليّ (الثّوّار مثل: بابَك الخرّميّ ومحمّد بن عتّاب). لكنّه استغلّ الوقائعَ ليبدِع نصوصا وفيّةً لشروطِ الفنّ الشّعريّ: رسمَ الحدثَ الحربيّ بالعينِ الشّاعرة.

-     التّغنّي بالقدرةِ القتاليّة عند الممدوحِ أو الـمَرثيِّ يستدعيه سياقُ الحرب الّذي فيه قِيل الشّعرُ.

-  القدرةُ القتاليّة شرطٌ لازم لكنْ غيرُ كافٍ لتحقيقِ النّصر. لذا كان امتداحُ القدرةِ على التّخطيطِ للوقائعِ الحربيّة الّتي كثيرا ما لا تخلُو مِن الخُدع والحِيل والفِخاخ الـمُعدَّة لاصطيادِ الأعداء.

-    لا شكّ أنّ الحربَ حدثٌ كريه. بيْد أنّها تشترطُ التّمكّنَ مِن فنونِ القتال ومهارةَ التّخطيط للمعارك بقدرِ ما تتطلّبُ أخلاقا حربيّة. وهذه، إنْ لم تضْمنِ النّصرَ، ضمنتِ الصّيتَ الحسنَ حتّى في حالِ الهزيمة. أهمُّ تلك الأخلاق: الشّجاعةُ، الإقدامُ، الرّحمةُ، الصّبرُ، الصّمودُ أمام العدوّ، التّضحيةُ بالنّفس، الإقبالُ على الموتِ الكريم...

-     في الرّثاء استطاعَ أبو تمّام أن يجعلَ الهزيمةَ الحربيّة نصرا أخلاقيّا لا يُضاهَى.

-  يؤمنُ شاعرُ الحماسة بالبطولةِ الفرديّة والجماعيّة وبالفضائلِ الإنسانيّة والأخلاقيّة. ويُـمجّد الملاحمَ القتاليّة والأخلاقيّة مدحا ورثاءً. وليس في شعره تَـجهُّمٌ (عبُوسٌ كريهٌ) أو سَوداويّةٌ (تشاؤُمٌ مبالَغ فيه). إنّـما يُزيَّنُ فعلُ القتْل بفتنةِ الشّعر.

-   كانت الـمَلْحَميّةُ (الـمَلحمةُ = قصّةٌ شعريّة بطوليّة غنيّةٌ بالخوارقِ والأساطير) الطّابعَ الأبرز لشعرِه الحماسيّ عامّةً ولقصائدِه الطّويلة مِنه خاصّةً. وهي مَلْحميّةٌ تفارقُ الواقعَ الحربيَّ الأرضيّ لتُوغلَ أحيانا كثيرة في عالَم التّخييل.

-    اِرتهنَ أبو تمّام شعرَه الحماسيّ للمناسبات (الانتصاراتُ الحربيّة، الموتُ في الحرب..). بيدَ أنّه استغلّ تلك الوقائعَ التّاريخيّةَ ليُمجّدَ القيمَ البطوليّة: طوّعَ تلك المناسبات لتخدمَ القيمَ العظيمةَ حسَبَه.

[ملاحظة: اِستفدنا مِن مقدّمةِ 'ديوان أبي تمّام' الّتي وضعها الشّاعرُ اللّبنانيّ 'إيليا أبو ماضي' شارحُ الدّيوانِ].

 عملا موفّقا


الاثنين، 3 مارس 2014

تعريف الشّاعر: (أبي تمّام)، محور 1: (شعر الحماسة)، 2007-2008



أستاذة العربيّة
 درس شرح: تعريف أبي تمّام
معهد نهج صيّادة
فوزيّة الشّطّي
  4آداب
2007- 2008 

تعريفُ الشّاعر العبّاسيّ أبي تمّام
من «موسوعة أمراء الشّعر العربيّ: من العصر الجاهليّ إلى العصر العبّاسيّ» (بتصرّف)
تأليف: د. حسن نور الدّين، بيروت، لبنان
-         أبو تمّام هو حبيبٌ بن أوْس الطّائيّ:
-         وُلد سنةَ 188ه بقرية "جاسم" الواقعة بين دمشق وطبريّة في سوريا. أقام في مصر ثلاثَ سنوات (بين 208 و211ه). ظلّ مشرئبَّ الأنظار إلى بغداد عاصمةِ الدّولة العبّاسيّة ومنتجَع الخلفاء ومجمَع شمْل الشّعراء والمغنّين.
-         كان مُعظمُ ممدُوحِيه من الطّبقة العليا: همْ إمّا خلفاء (المأمون، المعتصم، الواثق) أو وزراء أو قادة عسكريّون.
-         في بغداد كتب أبو تمّام أزهَى القصائد وأجملَها وأكثرَها إثارة للجدل والنّقاش والمحاورة.
-         خلق أبو تمّام عالما من النّقد والصّراع والخلاف حول شعره الّذي سحرَ ألبابَ الخلفاء والوزراء رغم غموضه أحيانا. واُعتُبِر زعيمَ الشّعر وأميرَ الشّعراء. وأقرّ له الجميعُ بتزعُّمِ عرش الشّعر.
-         في أرمينيّة اتّصل أبو تمّام سنةَ 214ه بواليها "خالد بن يزيد بن فريد الشّيبانيّ" الّذي وجّهه المأمونُ إلى هناك لإخضاع الثّائر "محمّد بن عتّاب". لكن عفا المأمونُ عن الأسْرى، وضمّهم إلى جُند أخيه "المعتصم". ثمّ عزل خالدا عن ولاية أرمينيّة ليُعيدَه "الواثقُ" إلى منصبه ذاك سنةَ 230ه. وعندما مات خالدٌ في نفس السّنة رثاه أبو تمّام أعزَّ رِثاء.
-          في أذربيجان كان صاحبُه "أبو سعيد الطّائيّ" ينتصر في الحرب مع "الإفشين" [لقبُ القائد العسكريّ الشّهير "حيدر بن كلوس" الّذي حاكمه الخليفةُ المعتصمُ بتُهم عدّة سنةَ 225ه، وقضى عليه بالموت جُوعا في سجنه] على "بابَك الخُرّميّ" [ثائرٌ قاد تمرّدا ينادي بما يماثل الدّعوات الاشتراكيّةَ في عصرنا، واستطاع أن يسيطر على أجزاء هامّة من أراضي الخلافة شمالا وشرقا]. وظلّ الشّاعرُ يستمدّ شعرَه في ممدوحه "أبي سعيد" من انتصاره أوّلَ مرّة على "معاوية" أحدِ قادة "بابَك" في وقْعة "أرشق" سنةَ 220ه... إلى أن قُبض على "بابَك" سنةَ 222ه واقتِيد إلى بغدادَ حيث أمر الخليفةُ "المعتصمُ" السّيّافَ بقطع يديه ورجليه ثمّ بذبحه وشقّ بطنه. وأنفذَ رأسَه إلى خُراسان، وصَلب جسدَه في سامرّاء.
-         في موقعة "عمّوريّة" [كانت معركةُ عمّوريّة بين الخلافة العبّاسيّة وبين الإمبراطوريّة البيزنطيّة في رمضان من عام 223هـ] بين العرب والرّوم كتب أبو تمّام قصيدتَه البائيّة الجبّارة [مطلعُها: "السّيفُ أصْدقُ إنْباءً من الكُتب ... في حَدّه الحدُّ بين الصّدْق والكذِب"]. وقد فُتحتْ عمّوريّةُ بعد هذه الوقعة.
-         عُرف أبو تمّام بكونه قويَّ الذّاكرة راويةً للقديم من الأشعار والطّريف من الأخبار.
-         أقرّ "أبو القاسم الحسن بن بشر الآمِديّ" [هو شاعر وراوية وعالم باللّغة والأدب والنّقد] بأنّ أبا تمّام قرأ الشّعرَ الجاهليّ والإسلاميّ والمحدَث. ويُروَى أنّه كان في أسفاره يحمل ديوانيْ "أبي نُوّاس" و"مسلم بن الوليد" أينما ذهب. وقد سُئل عنهما، فأجاب: «أمّا الّتي عن يميني فاللاّتُ، وأمّا الّتي عن يساري فالعُزّى. وأنا أعبُدهما منذ عشرين سنة».
-         كان أبو تمّام رائدَ فنّ التّصْنيع في الشّعر العربيّ. أثار حوله عاصفة من النّقد والمجادلة. وقد وقف الشّعراءُ "عليّ بنُ جهْم" و"أبو الشّيص الخزاعي" و"أبو عُبادة البُحتري" وكثيرٌ غيرُهم من أدباء القرن الثّالث للهجرة إلى جانب أبي تمّام يدافعون عن شاعريّته بصلابة. واعترف "ابنُ الرّومي" بأنّه تتلمذ عليه. أمّا "البُحتري" فزعمَ أنّه أخذ معظمَ معانيه منه.
-         تُوفّي أبو تمّام في 231ه، ودُفن بالموصل، وقد بنى عليه "أبو نهشل بن حُميْد الطّوسيّ" قبّة. ورثاه بعضُ الشّعراء من ذوي الشّأن.
-         قيل فيه: «ذهبتْ طيْءٌ بالفخريْن من جُودِ حاتم وشعرِ أبي تمّام حتّى صحّ أن نقول: إنّ جُودَ حاتم على النّاس استردّه أبو تمّام من النّاس... ربحتْ طيءٌ الحسَنيْن من جُودِ البنَان وجُود البيان».
ملاحظة: يُستحسن الاطّلاعُ على هذا الرّابط حول محاكمة المعتصم للإفشين:
http://al-iraqnews.net/new/free-ideas/90019.html

عمـــلا مــوفّــــقا

الجمعة، 10 مايو 2013

تقنيةُ المسرح داخل المسرح، 2007-2008


تقنيةُ المسرح داخل المسرح
1 -  تقنيةُ المسرح داخل المسرح عند "وليام شكسبير"  William Shakespear:
اِعتمد الشّاعرُ المسرحيُّ الإنجليزيُّ "شكسبير" [1564 – 1616] هذه التّقنيةَ في مسرحيّتِه المأساويّةِ (التّراجيديّة) "هملت" Hamlt (1) الّتي «يُرجَّح أنّها عُرِضت لأوّل مرّة عام 1601 وأنْ تكون نُشِرت لأوّل مرّة عام 1603» (2).
2 -  تقنيةُ المسرح داخل المسرح عند "لويدجي بيرندلّو"Luigi Pirandello :
لجأ المسرحيُّ الإيطاليّ "بيرندلّو" [1867 - 1936] إلى هذه التّقنية في مسرحيّتِه «ستُّ شخصيّاتٍ تبحثُ عن مُؤلِّف» Sei personaggi in cerca dautore الّتي بدأ يكتبها في أكتوبر 1920 وعُرِضت على خشبة المسرح للمرّة الأولى يوم 9 ماي 1921 (3).
3 -  تقنيةُ المسرح داخل المسرح عند "بيرتولْت برخت"  Bertolt Brecht:
حتىّ يكسر الإيهامَ بواقعيّة الأحداث اعتمد المسرحيُّ الألمانيّ "برخت" [1898 – 1956] هذه التّقنيةَ وغيرَها من التّقنياتِ المرئيّة المختلفة [كعرضِ أشرطة وثائقية] والأسلوبِ التّمثيليّ غير العاطفيّ [كأنْ يقرأ الممثّلون أدوارَهم قراءةً خالية من التّعبير عن المشاعر] واستعمالِ الممثّلين للأقنعة... فهو يعتقد أنّ «تعاطُفَ المشاهدين واندماجَهم في شخصيّاتِ المسرحيّة وأحداثِها يؤدّي إلى عدم فهمِهم رسالةَ المسرحيّة على الوجهِ الصّحيح» (4).
4 -  تقنيةُ المسرح داخل المسرح عند سعد اللّه ونّوس:
جاءتْ مسرحيّةُ «مغامرة رأس المملوك جابر» للأديب السّوريّ سعد اللّه ونّوس [1941-1997] تجسيدا لتقنية المسرح داخل المسرح. إذْ تداخلت قصّتان تشابكتْ أحداثُهما وشخصيّاتُهما وأطرُهما أحيانا وانفصمتْ أخرى. هما: قصّةُ المملوك جابر بِبغداد في عهد الخليفة "شعبان المنتصر باللّه" ووزيره "محمّد العبدلي" المنشقّ عنه المستقوي بالعدوّ الفارسيّ، وقصّةُ الحكواتي وزبائن المقهى الشّعبيّ في عصرنا الحاضر. 
خدِمتْ تقنيةُ المسرح داخلَ المسرح النّقدَ السّياسيّ الّذي بدا هدفا رئيسا عند الكاتب:
-   اختار ونّوس من التّاريخ مرحلةً بائسة مُخزِية يستقوي فيها "الرّاعي" بالأجنبيّ الغازي المتربِّص بالبلاد. فتدفع الرّعيّةُ ثمنَ خنوعها واستقالتها التّامة من عالم السّياسة، أيْ تدفع ثمنَ إجرامها في حقّ نفسِها.
-   سمحتْ هذه التّقنيةُ بتضمين التّاريخ وإدراجِه في الحاضر اليوميّ إدراجَ التّداخُلِ والتّجاذُبِ والصّراعِ. فوفّر تضمينُ التّاريخ سِياقا نقديّا: لا فرقَ إذنْ بين الماضي المُستَعادِ مسرحيّا وبين الحاضر الّذي نكتوي بِنارِه ونغصُّ بمرارة لُقَمِه ونتجرّعُ سمومه. فذاك يشِي بهذا، وهذا يستعيدُ ذاك في شكلِ مهزلة بل مأساة.
-   فضلُ هذه التّقنية أنّها تُمكّنُ الكاتبَ من استعمال مصطلحات ذاتِ وجهين: وجهٍ مرجعيّ يسميّ الأشياءَ بأسمائها الّتي كانت تُسمَّى بها، ووجهٍ رمزيّ نقديّ يسمّي الأشياءَ بالأسماء الّتي هي بها جديرةٌ. فـ "الرّعيّة" مثلا ليست تُعيِّنُ مجتمع "عصر المماليك" فحسبُ، إنمّا تُدِينُ ما نصطلح اليومَ على تسميتِه بـ "الشّعب". إنّ شعبَ ونّوس ما زال رعيّةً تسترحمُ رُعاتِها وتُقبِّل التّرابَ الّذي تدوسُه أقدامُهم وتطأطِئُ لهم الرِّقابَ الذّليلة. لم يُفارقْ شعبُنا بعدُ منزلةَ الرّعيّة الّتي تسير كالقطيعِ المدرَّب على خُطى سائِسِها كفِيفةَ البصرِ والبصيرةِ معا. هكذا سار "جابرٌ" إلى حتفه باسِما طامِعا في الجزاء واثقا من حُسن الختام.
-   تتجلّى عقلانيّةُ النّقد السّياسيّ في أنّ الكاتبَ يحاسب الجميعَ. فالكلُّ مسؤول عن جريمةِ "الخيانة العظمى" إن قليلا أو كثيرا. إذْ ما كان الوزيرُ الطّامعُ في نفوذ أوسعَ وأشدَّ "محمّد العبدلي" لِيخون بلادَه دون أن يرفَّ له جفنٌ، لو وجد شعبا واعِيا عنيدا يعترضُ سبيلَه ويحاسبُه على ما يقترفُ ويُسقِط عنه الشّرعيّةَ متى ألفاه غيرَ جدير بها. سلطانُ الأمسِ واليومَ هُوَ هُوَ لأنّ المحكومَ لم يُغادرْ مرتبةَ الرّعيّة. ولذا يتحمّل نصيبَ الأسد في المسؤوليّة عن الاجتياح الأجنبيّ المدمِّر.
-   كما تحاورَ رُكحا بغداد القديمةِ والمقهى المعاصرِ، تحاور الزّمنان المظلمان. فكأنّما أحدُهما رَجْعُ صدًى للآخر. وبدا رأسُ المملوك الانتهازيّ متعدِّدا يحتلّ مواقعَ القيادة من ملايين الجثث، بِقدر ما تجلّى الوزيرُ الخائنُ نموذجا للحاكمين بأمرهم إلى يومِ النّاس هذا. إنّها مسرحيّة تجسِّد الحكمةَ القديمة القائلة «كما تكونون يُوَلّى عليْكم» تجسيدا فنّيّا يخترقُ الأزمنةَ.
الهوامش:
1- اِكتفينا بهذه المسرحيّة لأنّنا لم نستطعْ أنْ نتأكّدَ إنْ كان شكسبير قد استعمل هذه التّقنيةَ في بعض مسرحيّاته الأخرى أمْ لا.
2- الموسوعة العربية العالميّة، ج 14، مؤسّسة أعمال الموسوعة للنّشر والتّوزيع، ط 2، 1999، الرّياض، المملكة العربيّة السّعوديّة.
3 - Introduzione di: Sei personaggi in cerca d'autore - Enrico IV, Luigi Pirandello, Oscar modadori, 2007, Italie.
4- الموسوعة العربيّة العالميّة، ج 4.      

فوزيّـة الشّـطّي ¤ تونس: 2009